Jun 3, 2013

"أنيس مديوايه"... عميد الثقافة في "القامشلي"


 تقرير :عبد العظيم العبد الله
الأحد 02 حزيران 2013
عن موقع: esyria

اسم تعرفه الجزيرة السورية بالكثير من الحب والاحترام، سخر جل سنوات عمره الطويلة بالبحث والعمل المتميّز والتأليف، ورسم العديد من العناوين الجميلة لمجتمعه وواقعه.


"مدوّنة وطن eSyria" وبتاريخ 28/5/2013 زارت صاحب الثمانية والثمانين عاماً السيّد "أنيس حنا مديوايه" في مكتبته الراقدة بوسط مدينة "القامشلي" والتي لا يفارقها لأنه يعتبر الكتاب الحبيب والصديق، وبدأ بسرد سيرته الحافلة بالمزايا الطيبة فقال: «رافقت والداً عاشقاً للكلمة والكتاب، واتبعت نهجه وسيرته، فكان المجيء لمدينة "القامشلي" مع نهاية الثلاثينيات مكرهاً بعد أن أجبرتني السلطات التركية بتركي أنا وأسرتي من مكان الولادة في لواء الاسكندرون، وتدرجت في مدارس المدينة باحثاً عن العلم والتعلّم بكافة الطرق والسبل، وبعد سنوات عديدة في دُورها بدأ المشوار الميداني باستلام عدّة وظائف في المنطقة أهمها مديراً لمراكز الحبوب "بالقامشلي، القحطانية، عامودا" ولم يكن الأمر هو مجرد الجلوس على كرسي المدير بقدر ما كان العمل الميداني والبحث والتواصل مع الغيورين لتطوير واقع المحاصيل والزراعة، ومع تلك الرحلة كان هناك تواصل مع نخبة من الكتّاب والمثقفين ودعاة ورجال الحركة والوحدة الوطنية للعمل من أجلها بتسخير كل الوقت في سبيل ذلك، ودفع الكثير من الأرق والهم لتلك الرسالة».



وبما أنّ السيد "أنيس" كان عاشقاً للفن المسرحي فقد تحدّث عن تجربته معه عندما قال: «كنتُ متعدد المواهب وعاشقاً لفن التمثيل كثيراً وعملت مع مجموعة من روّاده بالمدينة في سبيل نشر ذاك الفن في وقت مهم وحساس للغاية، وكنتّ من المشجعين والمتابعين والمهتمين لنشر رسالته بدرجة كبيرة، وعملت بفترة كانت الانطلاقة لولادة المسرح في القامشلي وطلبت من الصديق المسرحي "سليم حانا" أن أطبع له مسرحياته التي كان يخرجها في المدينة ومنها: "سفاك الدماء، على الدروب دماء"، وكان عمري 17 عاماً عندما قمت بالمشاركة في مسرحية "شكسبير" وبعد عامين ممثلاً في مسرحية "الغلام" طبعاً مع المخرج "سليم حانا"».

ويتابع: «وفي عام 1943 أسستُ مع مجموعة من الشباب الفوج الكشفي وعملنا على وضع الأسس المتينة لبقائه بممارسة وتنفيذ الأنشطة الفنية والاجتماعية والرياضية، وبعد ثلاث سنوات تركت العمل في الفوج بعد أن شكّلت فرقة موسيقية مرافقة للفوج، ومن ثم تمّ اختياري رئيساً للنادي الكلداني، ومن شدّة حبهم لي اختاروني، وفي عام 1958 أصبحتُ رئيساً للجنة الدفاع عن لواء الاسكندرون في محافظة "الحسكة"، وبسبب عشقي للكلمة والكتاب أسست عام 1946 مكتبة بالمدينة لأبقى ملازماً للكتاب، وليكون مكاناً للكتّاب والمثقفين وكان همي التركيز على الجانب الفكري والسياسي».

ثم أضاف: «في مكتبة منزلي فقط أكثر من 3000 كتاب من أندر الكتب، وأغلبيتها تعود لعمر أكثر من 100 عام، وبشكل يومي هناك تواصل مع تلك الكتب، ولا أستطيع تركها لأكثر من عدّة ساعات، وهناك التهابات حادة في عيني من شدة القراءة ومع ذلك لا أبالي بها، وقبل عدة سنوات وضعت بعضاً منها في حقيبة وحاولت بيعها في المكتبة وتمعنت بها مطولاً فراودني قرار بانّ الكتب تترجاني بعدم بيعها فدمع القلب وذرفت العيون وأعدت الكتب إلى مكتبة المنزل، ومن أجل حبي الكتاب أحتفظ بأوّل جريدة رسمية صدرت في البلد وهي "العاصمة" وبعددها الأول عام 1919وحتّى عددها الأخير والكثير مثل ذلك، وقمتُ بتأليف كتاب عن تاريخ "القامشلي"، وكتاب آخر بعنوان "منهل الإملاء"، ولدي أعداد هائلة من اللقاءات والندوات والمحاضرات والكثير من المخطوطات وكلها تصب في مصلحة العلم والثقافة وخاصة للجيل الجديد».

الباحث "جوزيف أنطي" تحدّث عن السيّد "أنيس" فقال: «هو شعلة من النشاط والعمل، وتقديراً لمنزلته وعند وفاة والده تلقى برقية تعزية من رؤساء دول. لقد كان يجيد العربية والسريانية والكردية بالإضافة للتحدث ببعض اللغات الأجنبية الأخرى، وكان همه الثقافة والعلم فقد تجوّل في عشرات الدول العربية والأجنبية، ومن خلال قربنا منه نعرف بأنه لا يهتم إلا بالنشاط الوطني والثقافي والمعرفي، وهو الآن يملك من العمر 88 عاماً ومع ذلك يتواجد في المكتبة ويبقى مع القراءة لساعات وساعات، ونقولها بحق إنّه عميد الثقافة في "القامشلي"».