استطاع الفنان جان كارات أن يغني كل ألوان الغناء الجزراوي، فكان واحداً من أشهر وأقدم فناني الجزيرة السورية حتى اليوم رغم مفارقته الحياة.
يقول السيد جوزيف أنطي عن الفنان الراحل : «يعتبر الفنان المبدع جان كارات من القامات الفنية التي أبدعت في مجال الفن المتنوع "الغناء، الرسم، الخط، الديكور، وهذا التنوّع في العبقرية ظهرمنذ طفولته واستمر حتّى غدا مطرب الجزيرة السورية حيث أحيا بفنّه تراث ماردين وارثاً جمال الصوت عن والدته زكية التي تنحدر من عائلة كريمة ماردينيّة، وتميّز جان بأنه من الرجال الذين افتخر بهم أبناء منطقته برمتها، فقد ترك بصمات وذكريات وآثاراً راسخة في الأذهان لن تمحى ويكفيه شهرة أنه لقب "بمسبّع الكارات"».
ويضيف: «اسم "كارات" يعني "متعدد المواهب"، فقد كان يغني ألواناً غنائية منوعة بعدة لغات كالتركي، الكردي، العربي، السرياني، الأرمني، والآشوري، وهو ما أكسبه جمهوراً غفيراً، وأحيا العشرات من الحفلات والمهرجانات والسهرات، وفي مرحلة شبابه المبكرة دخل سجل الموهوبين بدرجة الامتياز، وفي بداياته أحبّ الفن ففي عام 1964 تعلّم العزف على آلة العود ومع العزف أتقن الغناء معه، وأوّل إطلالة غنائيّة له كانت مع أغنية "جينا نغنيلك يازين"، ونوّع في غنائه وأبدع في الموشح الأندلسي، وفي عام 1968 التحق بخدمة العلم، وبعد الانتهاء أبحر بإبداع في فن الرسم والخط واستخدام الألوان ورسم المناظر الجميلة والطبيعة، أمّا الخط فخرّج العشرات من خطّاطي المدينة ولوحاته التي أبدع فيها مازالت على جدران المدينة وعمرها عشرات السنين، وأغلبية المؤسسات والدوائر والمحلات هي من تخطيط الفنان المذكور، فقد كان يجيد استخدام كل الخطوط وكافة أنواع الأقلام».
للسيد جوزيف أنطي تجربة ميدانية مع الفنان "جان" حيث قال: «منذ عام 1971 بدأت بالتواصل معه في الحضور إلى كافة حفلاته وسهراته الغنائيّة، انضم إلى فرقة "جيني" الفنيّة الغنائية، وانضم أيضاً إلى الفوج الكشفي الرابع بالقامشلي، وكانت له عدة ألحان ومؤلفات مع رواد الفن، ثم سافر إلى "الموصل" وبقي فيها فترة من الزمن وكان له فيها محطّات غنائيّة طويلة، أمّا أخوية مار "يعقوب بالقامشلي" فوقف على منصتها الغنائية مراراً وكثيراً، علماً أن العديد من الفنانين يتناولون أغانيه الجزراوية المحبوبة، وهو من ساهم بإعطاء الكنيسة دوراً مهماً في ترتيل الصلوات الدينية باللغة العربيّة والسريانيّة، وقدم أغانيه في كل من "السويد، هولندا، ألمانيا، كندا، أمريكا، سويسرا، لبنان، الموصل"، وشارك مع العديد من فناني "العراق، لبنان" في لقاءات فنية، وشارك في مهرجان الأغنية الفلكلورية في تونس وفي "اسطنبول"، وصمم العديد من النصب التذكارية في ساحة السبع بحرات "بالقامشلي" وساحة الشهداء، وكذلك العديد من أغلفة الكتب، وقد داهمه المرض باكراً ومع ذلك استمر في عطاءاته الفنية ونال التكريم تلو التكريم ومع حلول العام 2003 فارق الحياة».
الخطاط ديدار ظاظا |
أقدم خطّاطي المدينة الفنان ديدار ظاظا هو واحد من الذين رافقوا المرحوم لسنوات عدّة فتحدّث عنه قائلاً: «هو رمز من رموز الفن والإبداع والتألق، تتذكره منطقتنا بكثير من الثناء والحب، وبالإضافة إلى كل ما ذكر عنه فهو مهندس للتصميم والديكور دون الحصول على شهادة في الهندسة، ولكنه حمل لقب الهندسة للمزايا التي يتمتع بها في هذا المجال حيث تم طلبه ليعمل في تصميم الديكور بعدة دول غربية "كالسويد، ألمانيا"».
ويضيف قائلاً: «وكان يملك إمكانات عالية جداً في الفن وكان يقدم حلولاً سريعة وجميلة لأي عمل ينجزه، وكان ذواقاً ماهراً في تناسق الألوان والعناوين في لوحات الرسم، وقد رافقته في الرسم والخط منذ عام 1980 وحتى عام 1991، لقد كان ينتمي إلى أسرة فنية متعددة المواهب والفنون، أمّا رصيده بعد غيابه فهو كثرة المعجبين والمحبين لشخصه وعمله وإبداعاته، ولا تكاد تمر بشارع في محافظة "الحسكة" إلا وترى لوحة أو أكثر باسمه».