جريدة الشرق الأوسط
عشية الاحتفال بالذكرى الـ48 لتسلم حزب البعث العربي الاشتراكي السلطة في سورية في 8 مارس (آذار) 1963، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس عفوا عاما عن الجرائم المرتكبة قبل يوم 7 مارس الجاري. ويعد هذا المرسوم الخامس من نوعه منذ تسلم الأسد السلطة في سورية في يوليو (تموز) عام 2000.
وتضمنت المادة الأولى من مرسوم العفو رقم 34، الذي استثنى بعض الجنح الواردة في قانون العقوبات العام وقوانين أخرى، منح العفو العام عن كامل العقوبة في الجنح، وعن كامل العقوبة في المخالفات، وعن تدابير الإصلاح والرعاية للأحداث في الجنح. كما نص المرسوم على العفو العام عن كامل العقوبة المؤقتة للمحكوم الذي أتم السبعين من العمر بتاريخ صدور المرسوم، وعن كامل العقوبة المؤقتة أو عن العقوبة المؤبدة للمحكوم المصاب بمرض عضال غير قابل للشفاء، إلا أنه استثنى من هؤلاء المحكومين المتوارين عن الأنظار بتاريخ صدور المرسوم.
وقال المحامي عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية لـ«الشرق الأوسط» إن هذا المرسوم «لا يلبي الآمال المنتظرة بصدور عفو لأنه لم يشمل السجناء السياسيين وسجناء الرأي واقتصر على بعض السجناء الجنائيين الذين ارتكبوا جرائم جنحوية الوصف» وأضاف قربي أنه بمراجعة سريعة لملفات سجناء الرأي «نجد أن المستفيد الوحيد هو السجين السياسي هيثم المالح ليس بسبب طبيعة الجرم أو التهمة وإنما لتجاوزه سن السبعين عاما كما ينص مرسوم العفو».
وطالب رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان في سورية عمار قربي «باستكمال هذه الخطوة بإصدار عفو عام وشامل عن جميع معتقلي الرأي والضمير في سورية وإغلاق ملف الاعتقال السياسي». وكشف قربي عن إعلان نحو «13 معتقلا سياسيا في سجن عدرا إضرابهم عن الطعام يوم أمس الاثنين»، مشيرا إلى أن هذا المرسوم «لا يستفيد منه من لم يصدر بحقه حكم بعد مثل غسان نجار الذي تجاوز عمره السبعين عاما مع أن التهم الموجهة إليه جنائية» وذلك لأن «محاكمته لا تزال جارية ولم يصدر حكم بحقه بعد، وكذلك علي العبد الله الذي ما زال تحت المحاكمة».
من جانبه اعتبر وزير العدل القاضي أحمد حمود يونس أن مرسوم العفو العام يأتي في «إطار السياسة الاجتماعية الرامية إلى إعادة تأهيل وإصلاح من دفعته الظروف إلى الوقوع في خطأ يقع في دائرة المسؤولية الجزائية بهدف دفعه إلى جادة الصواب دون الإخلال بما يترتب من حقوق شخصية للأفراد المتضررين من الجرائم التي شملها هذا العفو».
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» عن وزير العدل توضيحه أن هذا المرسوم «يتميز بشموله عددا كبيرا من الجرائم وبمختلف أنواعها مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات الإنسانية لجهة شمول هذا العفو العام من أتم السبعين من العمر بصرف النظر عن عمره حين ارتكاب الجرم أو من كان مصابا بمرض عضال بصرف النظر عن نوع الجرم المرتكب من قبله». وقال يونس إن وزارة العدل «عممت المرسوم على المحامين العامين ومختلف المحاكم والدوائر القضائية وباشرت الجهات القضائية المعنية بتنفيذ أحكامه فورا» حيث سيتم «تشكيل اللجان التي نص عليها المرسوم من وزير العدل بالتنسيق مع وزير الدفاع للبت بالحالات المتعلقة بالمرض العضال لمن شمله هذا العفو العام على أن يتقدم بطلبه خلال 7 أيام من تاريخ صدور العفو العام».
إلى ذلك، نفت مصادر سورية رسمية لـ«الشرق الأوسط»، ما تناقلته وسائل الإعلام عن أن طيارين سوريين يقاتلون مع كتائب العقيد معمر القذافي ضد المتظاهرين، وقالت إنه «عار عن الصحة تماما». وأضافت المصادر أن سورية ضد أي تدخل خارجي في ليبيا.
من جهة أخرى، أعلن وجهاء من منطقة الجزيرة السورية الحدودية مع تركيا والعراق، أنهم قدموا «طلبات خطية وشفهية» للرئيس السوري بشار الأسد الذي استقبلهم أمس، خلال تدشينه لمشروع توصيل مياه من نهر دجلة إلى أراضي محافظة الحسكة في أقصى الشمال السوري، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الألمانية.
وذكر بيان رئاسي سوري أن «تكلفة المشروع تتجاوز 100 مليار ليرة سورية (الدولار يساوي نحو 47 ليرة)، ويهدف إلى ضخ واستثمار 1250 مليون متر مكعب من مياه نهر دجلة لخدمة أهداف التنمية في الحسكة، وذلك من خلال إرواء مساحة نحو 200 ألف هكتار جديدة من أراضي المحافظة، وتأمين مياه الشرب للأهالي بواقع 125 مليون متر مكعب سنويا، ودعم شبكات ري نهر الخابور القائمة والتي تروي 63 ألف هكتار».
وقال الشيخ كاظم حسين الأسعد، رئيس عشيرة «بينار علي» الكردية، الذي حضر التدشين إلى جانب عشرات من وجهاء المنطقة، لوكالة الأنباء الألمانية: «قدمنا طلبات خطية، وتحدثنا مع فخامة الرئيس بشار شفهيا بقضايا تتعلق بمطالبنا». وقال البيان الرئاسي: «وجه الرئيس الأسد الجهات المنفذة والمشرفة على المشروع لمضاعفة الجهود لتنفيذه ضمن المهل الزمنية المحددة وبكفاءة عالية المستوى تحقق الأهداف التنموية لهذا المشروع الاستراتيجي».
ونقلت الوكالة الألمانية عن مصدر سوري رسمي: «أخيرا، وافقت كل من تركيا والعراق على السماح لسورية بحصة زائدة من نهر دجلة الذي يمر في الأراضي السورية لمسافة نحو 55 كم بمحاذاة الحدود الثلاثية المشتركة في منطقة عين ديوار، بعد سنوات من المماطلة والرفض».
ونقل البيان الرئاسي عن الأسد تذكيره بـ«أهمية محافظة الحسكة باعتبارها السلة الغذائية لسورية»، وأن «هذه المحافظة والمنطقة الشرقية عموما ستشهد عناية كبيرة خلال الفترة القادمة لتحسين أوضاع الأهالي فيها». وتحوي المنطقة خليطا اجتماعيا وقوميا من مختلف الأطياف أبرزهم القبائل العربية والأكراد والسريان.
No comments:
Post a Comment