Jun 21, 2011

نبذة عن تربية الجواميس منتج الكيمر الحصري في القامشلي



تتفرّد بعض العوائل القاطنة في حي "الطي" بمدينة "القامشلي" دون الأحياء الأخرى من المدينة باحترافهم تربية الجواميس أباً عن جد؛ فكانت لهم سمعة بهذا الشأن على مستوى القطر بأكمله؛ حتى تحوّلت إلى عملٍ متوارث تناقلوها من جيلٍ لآخر، وأصبحت مصدر رزقهم بعد أن باتت هذه الحيوانات الأليفة جزءاً من حياتهم الاعتيادية.
تكبير الصورة
فأينما تخطف بصرك على ضفتي نهر "جغجغ"* المار بالقرب من الحي تراها تلطم بجسمها الضخم مياهه الكدرة هرباً من حرارة الصيف الحارقة. موقع eSyria وخلال جولته الميدانية إلى الحي المذكور حاول التوغل في طبيعة تربية هذه الثروة الحيوانية عبر لقاءات مع عددٍ من مربيها. والبداية كانت مع السيد "عبد البازو" الذي تحدّث قائلاً: «تعتبر الجواميس من فصيلة الأبقار مع وجود اختلاف في الشكل والحجم؛ وهي من الحيوانات التي تشعر بالبرودة في فصل الشتاء وبالحرارة في الصيف؛ لذلك تُربى دائماً على ضفاف الأنهار وبالقرب من المسطحات المائية الأخرى لأنها بحاجة ماسة للتخفيف من حرارة جسمها، وعلى الرغم من وزنها الثقيل الذي يصل إلى /700/كغ إلا أنها تتمتع بقدرة عالية على السباحة حتى أعماقٍ كبيرة دون أن تغرق. ولديها اختلاف عن باقي الثديات الأخرى؛ فهي لا تُلقح إلا من ذكرٍ خارج القطيع، وتختلف عن الأبقار بإنتاجها القليل من مادة الحليب لكنها تتفوق عليها في نسبة الدسم، فمتوسط إنتاج الجاموسة الواحدة من الحليب يتراوح بين /7- 8/ كغ يومياً فقط؛ لكن يُشتق منها مادة تسمى "الكيمر" التي لا تُستخرج إلا من حليبها دون حليبٍ آخر».

أما عن طبيعة لحم الجواميس ومدى اختلافها عن اللحوم الأخرى فيتابع عنه المربي "فقه الحنتوش" قائلاً: «لا يوجد اختلاف إطلاقاً بين لحم الجواميس واللحوم الأخرى؛ بل تتميز عنها بحفاظها على بياضها حتى بعد الطهو لكن المذاق يبقى نفسه؛ ومع ذلك لا يوجد طلب كبير على لحومها لقلة عدد المُربين في المحافظة؛ إذ تحتاج تربيتها إلى جهدٍ كبير وتفرّغ كامل من جانب المُربين نظراً لحاجتها إلى كمياتٍ هائلة من العلف طوال اليوم؛ عدا ذلك فهي تطرح فضلات بكميات 
تكبير الصورة
السيد "عبد البازو" أحد مربي الجواميس
كبيرة ضعف الأبقار لذلك فزرائبها تحتاج للتنظيف بشكلٍ مستمر».

معظم الحيوانات الأليفة والأهلية بما فيها الجواميس تستطيع التعرف والاعتياد على مربيها بسرعة كبيرة وإمكانية التمييز بينه وبين وجهٍ آخر عن طريق حاسة الشم؛ وعن ذلك يتحدث المُربي "حمد الحمد" قائلاً: «هناك صفة عند الجواميس قد لا تتوافر في حيوانٍ حلوب آخر فهي إذا اعتادت على وجهٍ واحد أثناء حلبها لا تسمح لأي شخصٍ آخر بالاقتراب منها مهما حاول ذلك؛ وهي تُميّز صاحبها من الشخص الغريب عن طريق حاسة الشم، فمثلاً لا تشعر بالخوف عندما تكون متواجدة بين أفراد العائلة؛ لكن بمجرد اقتراب أحد الجيران منها تضطرب حركاتها وتستنفر للإيحاء بوجود شخصٍ غير مألوف؛ وهذا الأمر إيجابي طبعاً بالنسبة للمربي لأن احتمال سرقتها غير وارد أبداً فهي تتحول من حيوانٍ هادئ إلى وحشٍ مُشاكس إذا ما دنا منها إنسانٌ غير معروف».

من هنا نتأكد أن هذه الحيوانات تنسجم وتتواصل مع مربيها عن طريق الأسماء التي تُعرف بها؛ وعن ذلك يعود السيد "عبد البازو" ليتابع حديثه بالقول: «للجواميس أسماءٌ تُنادى بها وهذه التسميات تأتي بحسب شكلها والتي توحي للدلالة عليها، فذات الشعر الأحمر تسمى "الحمرة" وصاحبة الشعر الناعم نناديها بـ"النعام" أما ذات الرأس الأبيض فنطلق عليها اسم "الغرة" أو"العشمة" وأما اسم "الحجلة" فهي كناية لذات الساق الأبيض».

ويضيف: «لا يمكننا تسمية أي جاموسة إلا بعد ولادتها بفترة من الزمن حتى تتضح معالم هيئتها الخارجية؛ أما قبل ذلك فيمكن أن تنادى باسم الجاموس الأم مثل "بنت الحمرة" أو"ابن النعام"..إلخ. وتدوم فترة الحمل عشرة أشهر وفي الحادي عشر تضع مولودها وبعد عشرين يوماً تُلقّح مرة أخرى ويعتاد المولود الجديد على اسمه بعد عام 
تكبير الصورة
السيد "حمد الحمد" من اهالي "حي "الطي"
من تسميته، كما تختلف طريقة مناداته لتناول العلف عن دعوته للخروج إلى المرعى أو إدخالها إلى الزريبة وهكذا فلكل دعوة لها أسلوب خاص بالمناداة».

يعاني مربو الجواميس كغيرهم من مربي الثروة الحيوانية الأخرى من معوقات تقف حاجزاً أمام التوسع بتربيتها؛ لذلك يقول المربي "متعب الجاسم": «نعاني كثيراً من ضيق المكان وقلة كمية العلف المُخصص لكل رأس والتي تُقدر بـ/100/كغ من "النخالة" لكل منها خلال شهر واحد؛ وهذه الكمية تنتهي خلال يومين فقط؛ ونظراً لعدم توافر مادتي "القشر والكسبة" في مؤسسة الأعلاف؛ نضطر لشرائها من السوق السوداء بأسعارٍ مرتفعة نتكبد مصاريف إضافية أخرى؛ لذلك ومن أجل التوفير نخلط هذه المواد جميعها مع "التبن" لتوفير ولو جزء بسيط من التكلفة الشهرية للعلف».

مثلها مثل أي حيوانٍ أليفٍ آخر تتعرض الجواميس لأمراضٍ قد تؤثر على صحتها في حال إهمال معالجتها؛ أما أنواع هذه الأمراض فتحدث عنها الطبيب البيطري "جوزيف منصور" قائلاً: «هناك تشابه بين الأمراض التي قد تتعرض لها الجواميس والأبقار على حدٍ سواء؛ وهو مرض "الحمى القلاعية" الذي يؤدي إلى ظهور بثور على الضرع والفم إضافةً لارتفاعاتٍ في درجات الحرارة؛ أما مرض "حمى النفاس" فتتعرض لها الجاموسة بعد الولادة نتيجة انخفاض كبير في درجات الحرارة ونقص في الكلس، وهناك أمراضٌ أخرى مثل "التهاب الرئتين" والإصابة بـالطفيليات العامة، ويمكن التخلص من كل تلك الأمراض باستخدام رشيد للأدوية؛ لكن الأمر الأصعب هو تناول الجاموس بعض الأدوات الجامدة مثل الحديد والزجاج والأقمشة التي يلتقطها نتيجة ترددها على المزابل ففي هذه الحال نضطر لإدخال قطعة مغناطيس في أمعائها حتى تلتقط جميع المعادن التي بداخل بطنها». 

تجدر الإشارة إلى أن حي "الطي" أحد أحياء مدينة
تكبير الصورة
أثناء تردد الجواميس على المزابل
"القامشلي" يقع في الجنوب الشرقي من مركز المدينة؛ يبعد عنه قرابة /5/ كم؛ اشتهر جزء من هذا الحي بتربية الجواميس منذ فترة الستينيات من القرن الماضي بعد أن انتقلت إليها آنذاك من قرية "المرج الأخضر" بمنطقة "المالكية" تتراوح أعدادها بحسب آخر إحصاء أجرته دائرة الثروة الحيوانية عام 2010م نحو /2500/ رأس؛ ولا تزال هناك أعداد منها على ضفة نهر "دجلة" ويُقال إن هناك أعدادا قليلة متواجدة في منطقة "الغاب" أيضاً. 

 






هوامش:
•نهر "جغجغ": أحد روافد نهر "الفرات" ينبع من جنوب "تركية" ويمر بمدينة "القامشلي" ليصب في نهر "الخابور" بمحافظة "الحسكة".
موقع إي حسكة

No comments:

Post a Comment